Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

«الوصم».. رحلة «تصحيح» أخطاء المجتمع تجاه المتعايشين مع «الإيدز» في 250 صفحة

 كتب:  عرفة محمد أحمد
 
«الوصم».. رحلة «تصحيح» أخطاء المجتمع تجاه المتعايشين مع «الإيدز» في 250 صفحة
غلاف كتاب «الوصم»
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

يُحدد كتاب «الوصم.. حكايات إنسانية لمعاناة متعايشين مع فيروس الإيدز» للكاتبة والزميلة علياء أبو شهبة، هدفه من الصفحات الأولى والأخيرة أيضًا: محاربة الوصم والتمييز الذي يعانيه المرضى المتعايشون مع فيروس الإيدز، وهو هدف سعت الكاتبة لتحقيقه منذ عملها على إنجاز تحقيق صحفي استقصائي تناول معاناة تلك الفئة مع منظومة صرف الدواء المجاني من وزارة الصحة.. لكن هذا الكتاب مكّن مؤلفته بالطبع من تناول عددٍ كبيرٍ من قصص المرضى في محاولة منها لرفع «الوصم» عن المتعايشين مع هذا المرض.

 

فكرة كتاب «الوصم» بدأت بتحقيقٍ صحفي

في مقدمة كتابها، تقول الزميلة علياء أبو شهبة إنّها تلقت العديد من الاقتراحات لتوثيق قصص المتعايشين مع فيروس الإيدز عقب نشر تحقيقها في موقع «مصراوي» وحمل عنوان: «الترياق القاتل.. متعايشون مع الإيدز يواجهون خطر انهيار المناعة والوفاة»، لكن انشغالها بإنجاز تحقيقاتٍ أخرى كان يعطل المشروع، ومع ذلك فإنَّ الجهل الواضح بالمرض وطرق انتقاله دفعها لإصدار هذا الكتاب للمساهمة في نشر الوعي، وإزالة العديد من المعلومات الخاطئة، التي غرستها أفلام سينمائية أثارت «الرعب» من مرض نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، من خلال ترويج معلوماتٍ خاطئةٍ عن المرض والمصابين به.

 

الأعمال الفنية تروج معلوماتٍ غير دقيقة عن المرض

تكشف الجزئية الخاصة بتورط الأعمال السينمائية في زيادة التمييز والوصم الذي يعانيه المتعايشون مع مرض الإيدز عن أهمية مراجعة الأعمال الفنية عمومًا من الناحية العلمية؛ خاصةً إذا كانت تتناول الحديث عن الأمراض؛ وهي جزئية جرى تنفيذها مؤخرًا في مُسلسل «60 دقيقة»، تأليف محمد هشام عُبيّه وإخراج مريم أحمدي، والذي عُرض منذ فترةٍ قصيرةٍ؛ عندما استعان صُناع العمل بمراجع نفسي هو الدكتور نبيل القط، لمراجعة الأجزاء الخاصة بالأمراض النفسية والحديث عنها خلال المسلسل الذي حقق نجاحًا كبيرًا. 

 

وعلى الطريقة ذاتها يسير صناع مسلسل «بطلوع الروح» الذي سيعرض رمضان المقبل؛ خاصة أنه جرت الاستعانة بـ«القط» لمراجعة الجانب النفسي، فضلًا عن الاستعانة بخبير في شئون الجماعات الجهادية.

 

وفي كتابها، خصصت الزميلة الصحفية علياء أبو شهبة فصلًا كاملًا عن الأعمال السينمائية التي روجت معلوماتٍ خاطئةً عن «الإيدز»؛ في مقدمتها «الحب في طابا» ثم «ديسكو ديسكو»،  «الحب والرعب»، «شاويش نص الليل»، «الأجندة الحمراء»، مع الإشارة إلى أعمالٍ كانت الأفضل في تناول قصص المرضى ومنها «أسماء» من تأليف وإخراج عمرو سلامة، فضلًا عن عدد من الأعمال السينمائية الأجنبية المأخوذ بعضها عن قصص حقيقية.

الجهل الواضح في التعامل مع المرضى

وفيما يُشبه خاصية «الأصوات» التي يتبعها كُتَّاب الرواية، جاء الكتاب ليروي لنا حكايات المتعايشين مع المرض؛ وعلى الرغم من أنها حكاياتٌ يغلب عليها طابع الحزن والمأساوية، إلاّ أنها تكشف عن كمية المعلومات المغلوطة والجهل الواضح «الفاضح» في السلوكيات المتبعة مع المتعايشين مع مرض الإيدز في مجتمعنا، والتعامل معهم لدرجة «عزلهم وفصلهم». 

 

لقد تعاملت الكاتبة مع أصحاب وصاحبات تلك الحكايات عن قربٍ، وعلى مراتٍ متكررةٍ، لرواية جزء من حياتهم وماذا فعل بهم الفيروس؟، لم تضغط عليهم الكاتبة لمعرفة كيفية الإصابة بالمرض، فضلًا عن نقل معاناة هؤلاء من نظرة المجتمع الذي يربط دائمًا بين الممارسات الجنسية المنحرفة والإصابة بالمرض… على الرغم من وجود أسباب أخرى للعدوى. 

 

تذكر الكاتبة أنّ مريض الإيدز من الممكن أن يصير رفيقًا بالعمل أو الدراسة أو جارًا في السكن نفسه، خاصةً أن العدوى لا تنتقل من خلال السلوكيات اليومية العادية مثل العناق والتقبيل والتصافح بالأيدي وكذلك العطس أو السعال… لا تدعو بالطبع سطور الكتاب إلى التعامل بتساهل مع المرض، ولكن إلى عدم الخوف أو الذعر مع المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسبة لدرجة «الوصم».

 

قصص المتعايشين مع الإيدز

وبعيدًا عن المعلومات العلمية الخاصة بالفيروس وطرق انتقاله والعدوى به… تظل القصص الإنسانية الحقيقية التي تناولها الكتاب هي الأهم والبطل في هذا العمل؛ وهي قصص حصلت عليها الكاتبة من خلال عملها على مدار بسنواتٍ، وتطلبت زياراتٍ متكررةً منها لمستشفيات الحميات في القاهرة حيث يفضل المرضى تلقي العلاج بعيدًا عن محافظاتهم. 

 

وتشير الكاتبة علياء أبو شهبة إلى أنّها وجدت تعاونا من المرضى في رواية تفاصيل شخصية عن حياتهم ومرضهم على الرغم من خوفهم في بداية اللقاءات معهم نظرا لقصص صحفية وتليفزيونية أساءت للمتعايشين مع الإيدز، وزادت من حدة الوصم المجتمعي الواقع عليهم؛ بل إن مريضًا قرر السفر وأسرته إلى إسبانيا للحصول على الأمان والراحة اللذين يفتقدهما المتعايشون مع المرض والذين يواجهون الرفض من الجميع بما فيها جهات عملهم كما جاء بالكتاب.

 

كشفت لنا قصص المتعايشين مع المرض التي جاءت بالكتاب عن تمسكهم بالأمل، والتعامل بالإيجابية مع المرض؛ وعدم الهزيمة أمامه؛ لدرجة أن اثنين من المتعايشين مع المرض قررا الزواج وسط ترحيبٍ من الأسرتين… بالطبع كانت هذه مفاجأةً  بالنسبة لي؛ فالإصابة بهذا المرض كانت مرادفةً عندي - قديمًا - للموت السريع الوقتي، وقد تكون هذه النظرة هي الثابتة المستقرة عند كثيرين حتى الآن. 

 

وحسنًا فعلت الكاتبة عندما هاجمت الأعمال السينمائية التي روجت معلوماتٍ خاطئةً عن المرض، وتسببت في متاعب كثيرة سيواجهها المتعايشون مع الفيروس عند ترددهم على المستشفيات، وأماكن الحصول على العلاج، فضلًا عن «الرعب» من اكتشاف مرضهم سواء في أماكن السكن أو العمل، وهي أجزاء ستقرأ عنها بغزارة في القصص التي تناولتها سطور الكتاب.

كتاب «الوصم.. حكايات إنسانية لمعاناة متعايشين مع الإيدز» يستحق القراءة بشغفٍ واهتمامٍ شديدين؛ فإلي جانب الحكايات الإنسانية التي قدمها الكتاب، هناك العديد من الفصول المتعلقة بالمرض وانتشاره في منطقة الشرق الأوسط، وكيفية تجاوز الأزمات والصدمات، وغيرها من الفصول المزودة بالأرقام والإحصائيات التي كشفت لنا عن الجهد الواضح المبذول في إعداد الكتاب الذي يتطلب المزيد من إلقاء الضوء عليه؛ لأهمية القضية التي يناقشها والمتعلقة بتغيير الفكر المجتمعي مع المتعايشين مع مرض الإيدز، وغيرهم من الفئات التي قد تتعرض لـ«الوصم» والتمييز.

 

نقطة نور.. الزميلة علياء أبو شهبة في سطور

صحفية ومدونة ومدربة صحفية، تخرجت في قسم الإعلام كلية الآداب جامعة عين شمس عام 2004، عملت في عدة صحفٍ ومواقعَ منها: «روزاليوسف»، «الوطن»، «التحرير»، «مصراوي»، «إسلام أون لاين»، «الصوت الحر»، «رصيف 22»، «دَرج»، «ذات مصر»، ووصلت إلى منصب نائب مدير تحرير في «روز اليوسف».

 

حصلت على العديد من الدورات التدريبية مع رويترز ودويتشه فيله، ومركز كمال أدهم للصحافة التليفزيونية في الجامعة الأمريكية، والمركز الدولي لتدريب الصحفيين، وشبكة أريج للصحافة الاستقصائية.

 

كما حصلت الزميلة علياء أبو شهبة على عدة جوائز صحفية منها: جائزة قمة الصحافة العالمية من وزارة الخارجية الألمانية، جائزة أفضل تحقيق استقصائي من المنتدى الرابع للصحافة الإليكترونية، جائزة «سلامة وأمان» عن صحافة المرأة، وجائزة «صحافة بلا تنميط» التي نظمتها هيئة الأمم المتحدة للمرأة لأفضل تحقيق صحفي إليكتروني، وجائزة مصطفى وعلي أمين، وغيرها من الجوائز الصحفية المهمة.

 

قدمت عدة دوراتٍ تدريبيةٍ منذ عام 2015 في نقابة الصحفيين، وبالتعاون مع مشروع سفارة المعرفة التابع لـ«مكتبة الإسكندرية»، ودورات أخرى بالتعاون مع اتحاد الإعلاميات المصريات ومنظمة وان إيفرا وDW Academy، وأكاديمية روزاليوسف للتدريب.