Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

"الهواري": الحوار هو السلاح الوحيد لمكافحة الطيش الفكري الناتج عن استغلال عقول الشباب

 كتب:  علاء محمود
 
"الهواري": الحوار هو السلاح الوحيد لمكافحة الطيش الفكري الناتج عن استغلال عقول الشباب
الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

أكد فضيلة الدكتور محمود الهوارى الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، على أهمية الحوار بين الأجيال، لبناء العقل الجمعى للمجتمع، من خلال تلاقح خبرات وتجارب كبار السن والحكماء مع تطلعات وآمال الشباب التى هى سمة طبيعية للأجيال الجديدة، وهذا التلاقح والتفاعل هو ما يميز مجتمع عن آخر، فالمجتمعات التى تتيح مساحة واسعة للحوار، تستطيع تجنب الطيش الفكرى، الناجم عن استغلال عقول الشباب وتوجيهها بشكل غير سليم، فمع ما يملكه الشباب من حماس لا يمكن لاى مجتمع مهما كان أن ينجو من قفزاته الفكرية دون توجيهه بخبرات وتجارب الحكماء التى تحصنه وتوضح له الدروب والمسالك الفكرية الأمنة. 

 وقال الهوارى، إن أهمية النسخة الثالثة من منتدى مرصد الأزهر «اسمع وتكلم» تتأكد فى خلق منصة حوارية للشباب تتيح لهم التعبير عن آرائهم وطموحاتهم، بالإضافة إلى الاستفادة من تراث حضارتنا الإسلامية العريقة، لهذا يسعى أعداء الأمة العربية والإسلامية لخلق فجوة بين الأجيال الحلية وتاريخهم المجيد، وذلك إدراكا منهم بأن تمسك شبابنا بتراثه هو حجر الأساس لنهضة الأمة وازدهارها، فحضارتنا التى تستمد نورها من وحى إلهى وتزخر بتجارب الأجيال السابقة لامثيل لها على مر التاريخ الذى لم يُعرف حضارة اهتمت بتعزيز التواصل وتبادل الخبرات بين الأجيال وحماية عقول الشباب، كما فعلت حضارتنا العريقة، التى اعتمدت على شبابها لتحقيق إنجازاتها العظيمة.

وأضاف الهوارى خلال كلمته فى النسخة الثالثة من منتدى مرصد الأزهر «اسمع وتكلم»، أن المنطلق التى قامت عليها الحضارة الإسلامية هو منطلق إيمانى، حيث إن المسلم مأمور بالسعى، وأنه مأجور عليه وهو ما بينه قول الحق سبحانه وتعالى، «قُلْ إِنَّ صَلاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»، وأكده الرسول الكريم ﷺ حين مَرَّ به رَجُلٌ فَرَأى أصْحابُه رضى الله عنهم مِن جَلَدِهِ ونَشاطِهِ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ كانَ هَذا فى سَبِيلِ اللَّهِ! فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى وَلَدِهِ صِغارًا فَهو فى سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى أبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهو فى سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرَجَ يَسْعى عَلى نَفْسِهِ يُعِفُّها فَهو فى سَبِيلِ اللَّهِ، وإنْ كانَ خَرجَ يَسْعى رِياءً ومُفاخَرَةً فَهو فى سَبِيلِ الشَّيْطانِ»، لكنه هذا المنطلق الإيمان عول على العقل فى التفكير والتدبر والنظر فى مستويات متعددة بداية من النفس «وَفِى أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ» مروًا بكل فى الكون الواسع أمام الإنسان «إِنَّ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِى تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ»، وبالغ الإسلام من مكانة العقل حين جعله أداة أساسية فى عبادة الله، من خلال فرض التفكير والتدبر على المسلمين وقد نتج عن ذلك تشكيل عقلية متميز للمسلم، ساهمت فى بناء أعظم حضارة عرفتها البشرية. 

وأوضح الهوارى أن الشخصية المسلمة نموذج فريد متكامل ينهل من ينابيع الوحى الإلهى، ويتغذى من ثمار تراث عريق، ويستلهم الدروس من تجارب وسلوكيات حكيمة، وتتشابك هذه المقومات الثلاثة - الوحى والعقل والأخلاق - لتشكل مثلثا متساوى الأضلاع لا غنى لأى ضلع منه عن الآخرين، يمثل فيه الوحى حجر الأساس للشخصية المسلمة، فهو النور الذى ينير دروبها ويهديها إلى طريق الحق والخير، ونستمد من تعاليم الوحى السمحة نهجنا فى الحياة، ونستضيء بهدى الله فى كل خطوة نخطوها، ولم يقتصر الوحى على حصر المسلمين فى عبادة الله فقط، بل حثهم على العمل الجاد والسعى فى طلب العلم، ودعاهم لأن يكونوا قادة فى مجالاتهم.
 
 وبين الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية أن منهج التفكير جاء به الإسلام ليعلى من قيمة الإنسان، وهو ما يجعل الشخصية المسلمة ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، لأنها لا تساوم على مبادئها، فالمسلم يرى أن الشر شر رغم محاولات تبريره، والخير خير مهما حاول البعض تشويهه، وهو ما يتضح من رفض الإسلام القاطع لمحاولات الاعتداء على الإنسان والأوطان دون النظر إلى دين أو عرق، وهو ما نراه متجذرًا فى الشخصية المسلمة من رفضها لأعمال العنف دون النظر من يقوم بها ومن تمارس ضده. 

وفى ختام كلمته وجه الهوارى نداء للشباب، حثهم فيه على ضرورة استثمار عقولهم بكفاءة فى مختلف مجالات حياتهم، وشدد على أهمية فهمهم لطبيعة أخلاقنا وحضارتنا العريقة، ليتسنى لهم التصرف بانسجام تام مع هويتنا وتاريخنا، لأن أمتنا العربية والإسلامية تحمل رسالة حضارية عظيمة، وأن دور الشباب هو تجسيد هذه الرسالة على أرض الواقع، ووصفهم بأنّهم شعلة مضيئة، وعليهم مسؤولية كتابة صفحات حافلة بالإنجازات.

ولتحقيق هذه الغاية، دعا الهوارى جميع المؤسسات والهيئات إلى فتح أبوابها أمام الشباب، وتوفير الفرص لهم لاكتساب الخبرات وتطوير مهاراتهم، كما حث الحكماء على نقل خبراتهم وتجاربهم للشباب دون انتظار منهم لمبادرة الطلب.