بعد وفاة 150 شخص.. لماذا تهاجم الأفيال أهل تايلاند؟
كتب: رحاب جمعة
في واقعة تصاعدت لتصبح كابوساً حقيقياً، تعاني تايلاند من هجمات مروعة للأفيال الهائجة، التي أودت بحياة ما يقرب من 150 شخصاً، ما بدأ كسلسلة من الهجمات النادرة تحول إلى كابوس يخيم على حياة السكان المحليين ويهدد صناعة السياحة، مع استمرار تصاعد الانتقام الوحشي من قبل هذه الحيوانات الضخمة.
تعكس هذه الهجمات الوحشية رد فعل قاسياً من جانب الأفيال على سوء المعاملة التي تعرضوا لها على يد البشر، واستغلالهم في صناعة السياحة لمصلحة المال. فمن اقتحام الطرق وتهديد المنازل إلى دهس السكان، يبدو أن الأفيال تريد بكل قوة توجيه رسالة صارمة بأنها لن تتسامح مع استغلالها واعتداءات البشر عليها.
ووسط هذا الفوضى، يعاني سكان المدن المتضررة من حالة من الذعر والهلع، مع ترقبهم المستمر لهجمات جديدة وخسائر أخرى. فالعاصمة الأفيال في العالم، التي كانت تعج بالسياح والحياة، الآن أصبحت مسرحاً لمأساة لا تُحدث إلا في كوابيس الأشخاص.
ومع تزايد حجم الأزمة، يدق خبراء البيئة ناقوس الخطر، محذرين من خطورة استمرار هذه الهجمات وتأثيرها السلبي على التوازن البيئي واقتصاد البلاد. لذا، فإن الدعوات لاتخاذ إجراءات فورية وفعالة لحماية السكان والأفيال وتحقيق التوازن بين البشر والحيوانات تتصاعد، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الكابوس الحقيقي.
وفيات أهل تايلاند بسبب الأفيال
خلال السنوات الأخيرة، تحولت الأفيال في تايلاند إلى مصدر رعب وهلع، حيث قامت بتحطيم السيارات، وإغلاق الطرق، وحتى الاعتداء على الناس بأساليب عنيفة.
وفقًا لتقرير صادر عن إدارة المتنزهات الوطنية والحياة البرية والحفاظ على النباتات في تايلاند، فإن عدد الضحايا جراء هجمات الأفيال البرية منذ عام 2018 بلغ ما لا يقل عن 150 شخصًا، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 133 آخرين. ولا يقتصر هذا الأمر على المواطنين المحليين فقط، بل شمل العديد من السياح الذين كانوا يزورون الجزء الجنوبي من البلاد.
هذه الأحداث تسلط الضوء على خطورة التصرفات الهجومية للأفيال، وتشير إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لحماية السكان والسياح، وتحقيق التوازن بين البشر والحيوانات في هذه المناطق المتأثرة.
بالإضافة إلى الهجمات الوحشية التي استهدفت البشر مباشرة، مثل مطاردة شاحنة سفاري وقتل سائح بداخلها، انتشرت مقاطع فيديو مروعة تظهر مجموعة من الأفيال وهي تقطع الطرق بأكملها بفضل قطعانها العملاقة، وتسحق السيارات وتتجه نحو السياح العزل لمهاجمتهم.
في مشهد من الرعب والدهشة، قررت 50 فيلا ضخمة السير عبر الطريق السريع في تشاشوينجساو، مما ترك البشر في حيرة وذهول حتى مرور الموكب بسلام.
ومع ذلك، كانت نهاية مروعة بالنسبة لأحد سائقي السيارات، حيث جلس فيل يزن سبعة أطنان على سيارته.
تزداد حالات الصراع بين البشر والأفيال في مقاطعات مثل ناخون راتشاسيما وفانج نغا وهوا هين، وفقًا للتقارير المحلية.
وباتت الحوادث المرعبة متكررة إلى حد يثير الذعر، حيث بدأ السكان المحليون في تسليح أنفسهم بقنابل البينج بونج لردع الوحوش المتوحشة.
سوء استغلال الأفيال
أفادت جمعية الرفق بالحيوان الدولية لصحيفة ذا صن بأن ارتفاع حالات الهجمات المرتبطة بالأفيال يرجع جزئياً إلى ممارسات بعض الأشخاص والسياح تجاه هذه الحيوانات الضخمة. يعود ذلك إلى استخدام الأفيال في الركوب والرقص، وتقييدها بالسلاسل، وإجبارها على الأداء من أجل تنشيط السياحة وزيادة الدخل المالي.
وفقًا لتوصيات الخبراء، فإن ركوب الأفيال من قبل السياح يعد أمرًا غير ملائم تمامًا، حيث لا ترغب هذه الحيوانات الضخمة في حمل البشر على ظهورها. إضافة إلى ذلك، يُعاني مئات الأفيال من الاحتجاز في حدائق الحيوان والبيئات المشابهة للسيرك.
ويتم استئناس حوالي 3000 فيل في جميع أنحاء البلاد، ولكن يُسمح لنحو 2200 منها فقط بالتجول بحرية في البرية. بالإضافة إلى ذلك، يتم نزع الأفيال من بيئتها الطبيعية وإجبارها على العيش في حظائر صغيرة تُغطى بالحبال والسلاسل من قبل المربين، ومن ثم يُجبرون على الرقص والركض وحمل السياح على ظهورهم.
تُنظر إلى هذه الممارسات على أنها تُغذي طموح أصحاب الأفيال في تنظيم رحلات سياحية بهدف ملء جيوبهم الخاصة.