Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

أوكرانيا.. فخ روسيا الذي نصبته لأمريكا والغرب

 كتب:  أحمد حسني
 
أوكرانيا.. فخ روسيا الذي نصبته لأمريكا والغرب
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

في ظل الأحداث المتتالية والمتصاعدة بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، التي تسارعت في الفترة الأخيرة، ومنها سيطرة القوات الروسية بقيادة مجموعة فاجنر على مدينة سوليدار الواقعة في منطقة دونيتسك بشكل كامل، وهو ما تنفيه أوكرانيا وتشير إلى أن المعركة مازالت دائرة حتى اللحظة، يرى بعض المحللين أن روسيا تريد إنهاء الحرب في الفترة الحالية بشكل سريع أكثر من ذي قبل، خوفًا من إعلان الغرب وخصوصًا بريطانيا مساعدة كييف بالدبابات للتصدي للهجمات الروسية.

وعلى الرغم من تأكيدات بوتين أنه لا يريد احتلال العاصمة الأوكرانية أو السيطرة عليها إلا أن الغرب يؤكدون أن حلم بوتين هو إعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي، بصفته من أكبر مؤيدي وداعمي الوحدة الروسية، وبدليل احتلاله وضمه لشبه جزيرة القرم، والسيطرة على مناطق دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوراجيه، وضمهم إلى حظيرة الدولة الروسية الاتحادية.

وما يؤيد تلك التكهنات التقارب الكبير بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، وهو ملحوظ بشكل لا يعجز على أحد أن يراه، أضف إلى ذلك دولة مثل الشيشان والتي يجلس على مقعد الرئاسة فيها، فتى بوتين المدلل رمضان قديروف.

خريطة الصراع الروسي التركي

ويبدو للناظر على خريطة أوكرانيا أن العاصمة كييف على الحدود المباشرة مع روسيا، ومع الحليف الاستراتيجي القوي لها، وهي دولة بيلاروسيا، وتشير الدلائل جميعها إلى أن روسيا لو أرادت اقتحام العاصمة الأوكرانية لفعلتها منذ اليوم الأول للعمليات، وهو ما أدركته الدول الأوروبية أيضًا من اللحظة الأولى، وأكدت أن بوتين ينوي اقتحام كييف والسيطرة عليها، وهو ما لم يفعله بوتين، ولم يقع في هذا الفخ.

راح الغرب وآلته الإعلامية يسوقون إلى أن أوكرانيا استطاعت الصمود بسبب الدعم المادي واللوجيستي المقدم من أمريكا، والتحالفات الأخرى التابعة لهم، وهو ما رد عليه بوتين سريعًا عندما أرسل مجموعة فاجنر فقط للسيطرة على مدينة سوليدار فاقتحمتها في ليلة، ودانت لها السيطرة تمامًا.

يدرك الجميع أن الرئيس الروسي صاحب الخلفية المخابراتية القادم من جهاز الاستخبارات الروسي الـ«كي جي بي» قارئ جيد للتاريخ، ويتعلم مِن أخطاء مَن سبقوه، واستفاد بوتين كثيرًا من الحرب الباردة التي قادتها أمريكا ضد الاتحاد السوفييتي سابقًا، وقرر أن يلعب هو اللعبة مجددًا وأن يكون صاحب اليد الطولى في هذه المعركة بعيدة المدى.

قاد الرئيس الروسي الحرب الباردة على أمريكا وأعوانها، عن طريق تنمية بلاده وتقويتها اقتصاديًا وعسكريًا، والابتعاد عن الصراعات المسلحة والمواجهات العسكرية المباشرة، وهو ما أدركته أمريكا، فسلطت أتباعها ليقودوا المعركة المفتعلة نيابة عنها.

فخ غربي لروسيا  

قررت أوكرانيا أن تقود شرارة الحرب الأولى وأن تجر روسيا إلى مواجهة عسكرية مباشرة معها، فأعلنت رغبتها في الانضمام إلى حلف الناتو، رغم إدراكها الكامل أن روسيا لن تقبل هذا الأمر مطلقًا.

وتحت ذريعة حماية الأقليات الروسية في أوكرانيا، اقتحمت موسكو شبه جزيرة القرم في عام 2014، وأعلنت السيطرة الكاملة عليه، وضمه إلى الأراضي الروسية، وهو ما قابله العالم الغربي بالاستنكار تارة والتنديد تارة أخرى، لكن روسيا لم تأبه لذلك، واتبعت سياسة الأمر الواقع، فاضطر العالم لأن يقبل الوضع الجديد، لكنه أسرها في نفسه وأبداها أيضًا.

لم يدم الوضع الجديد كثيرًا، حتى حدثت المناوشات من جديد من قبل أوكرانيا، وإصرارها هذه المرة على الانضمام إلى التحالف الذي يعني تطويق روسيا وحدودها من قبل طائرات حلف الناتو، وأن تصبح سماؤها مستباحة، وتحت أي ذريعة من الحلف من السهل توريط روسيا في حرب واستنزافها عسكريًا واقتصاديًا، مع الدول أعضاء الحلف وبالتبعية الولايات المتحدة، حتى ترضخ بالكامل للسيطرة والهيمنة الأمريكية.

اضطرت روسيا مجددًا للدفاع عن حدودها وخط دفاعها الأول، وتحت ذريعة حماية إقليم دونباس، قرر الرئيس الروسي دخول المعركة، لكن باستراتيجية مختلفة هذه المرة، وهي استراتيجية النفس الطويل.

يعي بوتين تمامًا أن الغرب وعلى رأسهم أمريكا لن تسمح له باحتلال أوكرانيا بالكامل، وضمها إلى الأراضي الروسية، وأن ما حدث في القرم لن يحدث في كييف، لذلك قرر استنزاف أمريكا والدول الغربية اقتصاديًا وعسكريًا، واستمرار الحرب الباردة ولكن هذه المرة بشكل مختلف. ومثلما كانت أفغانستان مقبرة الاتحاد السوفيتي، قرر بوتين أن تكون أوكرانيا مقبرة لأمريكا والغرب.

تحالف روسيا- تركيا

يبدو أن بوتين يعتمد في هذه الحرب على زيادة الدعم الغربي لأوكرانيا، سواء أكان دعمًا ماديًا أو دعمًا لوجيستيًا، وفي الوقت نفسه يستمر في إقامة تحالفات جديدة ليضمن بها عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، فنجده هذه المرة يقدم يده للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويعده بجعل تركيا المركز الرئيسي لعمليات تبادل الغاز الروسي مع الغرب، وهو ما يتمناه أردوغان نظرًا لما تعانيه بلاده من ركود وزيادة نسب التضخم، وانهيار الليرة التركية في الفترة الأخيرة.

وهو ما قد يعني أن تركيا لن توافق تركيا وهي العضو المؤسس لحلف الناتو دخول أي عضو جديد في الحلف إلا بعد موافقة موسكو، والدلائل في هذا الأمر واضحة في الفترة الأخيرة، فتركيا تقف حجر عثرة في وجه انضمام السويد وفنلندا للحلف بدعوى تبني السويد لأعضاء حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه تركيا حزب إرهابي.

(حلف الناتو لا يقبل أعضاء جدد إلا بموافقة دول الحلف بالإجماع على طلب الانضمام).

لا شك أن الرئيس الروسي يريد أن يُصبح العالم متعدد الأقطاب، بدلًا عن الأحادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصًا من الناحية الاقتصادية، في ظل هيمنة أمريكا ونظام الدولار الذي يسود العالم، وهو ما دعى البنك المركزي الروسي لإدراج عملات جديدة ضمن سلة العملات وكان منها الجنيه المصري.