Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

الأديب الدكتور محمود الشنواني يكتب عن رواية «هناك حيث ينتهي النهر»

 كتب:  العاصمة
 
الأديب الدكتور محمود الشنواني يكتب عن رواية «هناك حيث ينتهي النهر»
الأديب الدكتور محمود الشنواني
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

«هناك حيث ينتهى النهر» لـ مريم عبد العزيز... هذه رواية جميلة ومؤلمة، لأديبة واعدة لها روح فنية صادقة.


تسافر «سلمى» من القاهرة، المدينة التى تجافيها، إلى رشيد، المدينة التى لا تعرفها. تسافر بحثا عن السند و الهوية فى قبر أبيها الذى دفن فى مقابر الأسرة هناك.


في البداية تبدو «رشيد» موصدة أمامها، إلا أنها تنفتح لها مع إصرارها على تكرار زياراتها وطرق أبوابها.


تنفتح لروحها التى وجدت فى بعض ناسها أهلا وأحبابا جدد، يؤنسون قلبها الذى تشقق بجفاء الحياة وخيبات الحب وإحباط من عايش ثورة يناير ورأى أحلامه تتهاوى ورفاقه يغيبون.


تأتنس بهم ويأتنسون بها، يصبحون عائلة جديدة، يصبحون لها أما وأختا ومشروع حب وتصبح ابنة وأختا و مشروع حبيبة لمن جمعتها بهم الأقدار، وتصبح شريكتهم فى أشجان مآسيهم وأحزانهم وأشواقهم المجهضة.


تسافر إلى «رشيد» بحثا عن قبر أبيها، فتجد من اتخذتهم أسرة جديدة هناك، يبحثون عن غرقاهم فى البحر، يعيشون على أمل العثور على جثث الأحباء. أقصى أمنياتهم أن يصبح للأحباء مقابر يمكن لهم زيارتها ونثر زهور المحبة والاشتياق عليها.


نعيش في «رشيد» المدينة التى عاشت عمرها عند لقاء النهر العظيم بالبحر الكبير. مدينة كان يمكن أن تكون واحة للدعة والجمال، لولا مظالم الزمن التي جعلتها محطة ينطلق منها من قست عليهم الحياة، بالحروب والمذابح والرزق الضنين وانسداد الآفاق، فلجأ لها مصريون وسوريون وأفارقة لعلها تكون محطتهم نحو لقب لاجئ. لقب قد يحصلون عليه ويبدأون حياة جديدة، وقد تنتهى حياتهم وسط صراع الأمواج. تنتهى مآسيهم الشخصية ويصبحون عنوانا لمأساة كبرى.


رواية تفوح فيها رائحة الموت الثقيلة، لكنها تهدهد روحك بعذوبة المشاعر الإنسانية وتآزر البشر وحنانهم.
يمضى القارىء مع الأحداث، فيزداد قلبه ثقلا ويزداد قلبه رقة.


يحضر الموت ويزداد الشغف بالحياة. نرى البشر يواصلون حياتهم ويقتنصون لحظات الفرح والأمل، يعيشونها ويتخيلونها ويصنعونها.




اللغة بسيطة ومميزة وبعيدة عن التحذلق، وبها استخدام ذكى للعامية المصرية وللتعبيرات المحلية الرشيدية الساحلية، وتشى بالرهافة الإنسانية للكاتبة.


تتابع الأحداث به الكثير من براعة التشويق وإيقاع الفصول يدل على حساسية فنية عالية.


واختيار لسان الراوى العليم أحيانا ولسان المتكلم فى أحيان أخرى أتاح للكاتبة فرصة رصد الأحداث الخارجية والدخول فى أعماق شخصيات الرواية.


كم هو جذاب هذا العنوان (هناك حيث ينتهى النهر)!


هناك حيث يتصادم النهر بالبحر، ويلقى ببعض أهله وناسه فى وسط أمواجه العاتية.


هناك حيث نقطة التقاء بين حياة كالموت، وحياة أخرى أو الموت.


هناك حيث ينتهى النهر الذى نعرفه، ويبدأ البحر الذى لا نعلم أين أو كيف سينتهى.


هناك حيث الأمل فى لقب لاجئ أو الأمل فى العثور على جثة.


فى هذه الرواية نكتشف أديبة واعدة هى مريم عبد العزيز، فتنضم إلى جيل جديد من الأديبات الموهوبات الواعدات اللاتى يطرحن زهورا فواحة بعطور الفنون التى تخاطب أعماق الإنسان وتعبر بصدق وحساسية وقوة عن آماله ورغباته ومخاوفه وحيرته.

____________________________

نقلا عن الصفحة الرسمية للأديب الدكتور محمود الشنواني