Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

أحمد عبد الفتاح يكتب عن رواية «ضارب الطبل» لـ أشرف الخمايسي

 كتب:  العاصمة
 
أحمد عبد الفتاح يكتب عن رواية «ضارب الطبل» لـ أشرف الخمايسي
الكاتب الكبير أشرف الخمايسي وروايتيه "منافي الرب" و"انحراف حاد"
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace
Elasimah AdPlace

ربما يكون الروائي أشرف الخمايسي قد عرف سر معادلة «آينشتاين» الشهيرة.



قد يكون توصل إلى كيف يطير بسرعة الضوء. فالجسم الذي يصل لسرعة الضوء يتوقف الزمن عنده، ومن ثم يستطيع تشكيل الزمن و يعود للماضي.



قالوا «الخمايسي» إلهاً للسرد، لكنه أيضاً للزمان، لديه قدرة عجيبة على إيقافه، وإعادته للماضي، أو استطالته، ومده، وثنيه، كأنه كرة من عچين بيد طفل شَقي، أو كتلة في الفضاء العظيم، واقعة على شبكة الزمكان، وتؤثر في الاثنين.


انتهيت بالأمس من قراءة هذا العمل الصادم، المُرهِق جداً «ضارب الطبل». 


ماذا لو تم اختراع جهاز يستطيع قراءة عمرك، وتحديد تاريخ موتك، بدقة متناهية؟ بالتأكيد ستتغير كل أشكال وألوان الحياة التي تعرفها، تتغير رؤيتك للأشياء، قد يصيبك الجنون من فرط الانتظار، قد تتحول لحكيم يرى الموت أمام عينيه، ويعرف حقيقة الحياة، قد تهيم على وجهك في الصحراء وحيداً، تنقلب حالة المجتمع، تتغير الصفات والرغبات، التقاليد والإيمان.



ربما كان سوء حظي الوحيد هو التوقيت الذي بدأت فيه قراءة الرواية، وهو توقيت الحرب، القصف، القلب مهشم، ولم يكن باستطاعته تحمل المزيد، أو سماع المزيد عن الموت، الموت هو بطل الرواية الأساسي، تتغير الشخصيات والأمكنة والأزمنة، ويبقى الموت المحرك الأساسي للأحداث، لكن الرواية تكتظ بالأفكار، تتجلى بالأحداث، أفكار أخرى غير الموت. 

في رأيي أن المعرفة هي البطل الاساسي. يرى «الخمايسي» أن الكثير من المعرفة مهلك، وأن الإنسان كلما ازادت معرفته كلما اقترب من الموت بأسرع شكل من أشكاله، فكل شيء قابل للبحث، لكن ليس كل المعارف نِعَم، بعض المعارف نِقم مهلكة للإنسان، وليس كل الدول ترعى العلم لأجل مصلحة الإنسان، فبعض الدول مثل أمريكا قد ترعى العلم لتدمير البشر، أو استعبادهم، أو تدمير الصفات البشرية في الإنسان، وتحويله إلى ماكينة أو حيوان مجرد من الصفات البشرية.



ماذا تفعل أمريكا لصالح العالم؟ لا شيء سوى الدمار، والتدخل في شؤون الدول، وفرض سيطرتها على خيراتها، أمريكا هي الموت، لا بل أمريكا، لا، الموت ليس شرا، أمريكا هي الشر والشيطان، لكن الموت مهم، فهو لحظة الحقيقة، ولحظة تتكشف فيها الحقائق، ويعلل الخمايسي ذلك بشهقة المحتضرين. فلماذا يشهقون إلا لأنهم عرفوا الحقيقة. 



ربما أهدى الآن، لكن هذه الحالة التي تركتني عليها الرواية، لكن دعني أكمل بعض الأسئلة التى طرحها: ماذا يفيد الإنسان إن كان عمره طويلا ويعيش وحده؟ هل خلق الإنسان ليعيش وحده؟ 



الموت، والجهل، العلم، والوحدة، هي الأعمدة الأساسية التي بنى عليها «الخمايسي» معبده، معبد الموت، أو «ضارب الطبل» كما أسماها، لم يخف من وطأة الرواية غير بعض المشاهد التى نسجها «الخمايسي» ببراعته لتخدم الأحداث، وتخفف من حدة الفكرة القاسية للرواية. 


فـ«الخمايسي» هنا ضارب العقول، وصافع المنطق، راعي الجنون في صحراء الهذيان، وعازف ناي في موكب جنائزي لملك سحقته افكاره المتغزله بالموت والقبر.